استخدام خلايا المنشأ لترميم الإبتسامة

شهدت ايطاليا أول عملية زرع في العالم استخدمت خلايا المنشأ لإعادة ترميم عظم الفك نتيجة الإصابة بتقيح اللثة (pyorrhea) وهي مرحلة متدهورة من مرض الأسنان حيث يبدأ العظم المدعم للأسنان التآكل نتيجة انتشار العدوى، ويسبب تقيح اللثة رائحة نفس كريهة ونزيفًا وألمًا في اللثة. ويحدث هذا التقيح غالبًا في حالات سوء التغذية وعدم استخدام فرشاة الأسنان أو الاستخدام الخاطئ لفرشاة الأسنان، وكذلك لدى أكل الأطعمة غير الصالحة أو الفاسدة والإكثار من تناول السكر والإصابة بالأمراض المزمنة وأمراض الدم وأمراض الغدد، وكذلك التدخين وتعاطي المخدرات والتعاطي المفرط للمشروبات الكحولية. هذه العوامل مجتمعة تجعل الشخص أكثر عرضة لمرض تقيح اللثة. كما أن هذا المرض يرتبط أيضًا بنقص الفيتامين "سي". وتؤدي أخطر حالات تقيح اللثة الى سقوط الأسنان.
نجح الباحثون الإيطاليون في جامعة "بيكوكا" بمدينة ميلانو في تسجيل براءة اختراع متعلقة باستعمال خلايا المنشأ لمحاربة تقيح اللثة. في حال تبني الطريقة الإيطالية فإنها ستساعد على ترميم عظم الفك لتفادي سقوط الأسنان فضلاً عن إحداث ثورة في تقنيات الجراحة الترقيعية. تتمحور التقنية الإيطالية حول صناعة سقالات يتم زرعها باللثة، تحوي خلايا منشأ بالغة تطورت لتصبح خلايا عظمية، وكل سقالة من السقالات المصنوعة مختبريًا عبارة عن كريات من الكولاجين (مادة البروتين الرئيسة في الجلد والأربطة والغضاريف والعظام والأنسجة) تحتضن مليون خلية منشأ في كل سنتمتر مكعب منها(السقالة). ويتم زرع عدد من هذه السقالات (Scaffold) في عظم الفك، ولا يوجد خطر رفض الجسم لهذه السقالات المزروعة جراحيًا لأنها تتكون من الخلايا المأخوذة من المريض نفسه. تجدر الإشارة هنا الى أن تقيح اللثة يصيب 60 الى 70 في المئة من الإيطاليين الذين تجاوزوا الخمسين عامًا و5 في المئة من الشباب. تستخرج خلايا المنشأ(هي خلايا الميزنكيمال غير المميزة بعد) من النخاع العظمي. تستخدم هذه الخلايا لاعادة توليد الأنسجة كما العظم والعضلة والغضروف. نجح الباحثون في مضاعفة عدد خلايا المنشأ المستخرجة من المريض مختبريًا واستبعدت من العلاج تلك التي لم تتحول الى خلايا عظمية. ثم زرعت هذه الخلايا(العظمية المميزة) مجددًا.
اضافة الى ذلك، ملئت السقالات، القابلة للامتصاص داخل اللثة، بخلايا المنشأ البالغة(التي تحولت الى خلايا عظمية). بالطبع، زرعت هذه السقالات في مناطق الفك التي تعاني من خلل وظيفي عظمي. لا يبقى اليوم سوى مراقبة وضع النسيج العظمي الجديد، وفي حال نجح الإيطاليون في تطبيق تقنيتهم عندئذ يمكن لأي ثغرة عظمية(خارج الفم كذلك) أن تخضع لعملية جراحية ترقيعية تعتمد على خلايا المنشأ المميزة.
هذا وكان قد نجح علماء سويسريون في فترة سابقة، للمرة الأولى، في تطوير صمامات قلوب بشرية اعتمادا على خلايا المنشأ، فيما يعد ابتكارًا فارقًا يمكن أن يفتح الطريق أمام إصلاح عديد العيوب في قلب الإنسان.
وأوضحت أسوشيتد برس أنّ الصمامات تنفتح حتى يمكن للدم أن يضخّ قبل أن تنغلق.
وأضافت أنّ فكرة العلماء تتمحور حول التوصل إلى تطوير مثل هذه الصمامات في المختبر أثناء فترة الحمل بكيفية تمكّن من زرعها في جسد الرضيع بعد ولادته.
وتأتي التجربة السويسرية في أعقاب نجاحات تمّ تحقيقها في الآونة الأخيرة في ميدان زراعة الشرايين.
ويعتبر العلماء الذين يقفون وراء التجربة أنّ الإنسان، سيتمكن في يوم ما من استبدال مكونات القلب، في بعض الحالات وحتى قبل الولادة.
وتسمح هذه الثورة الطبية التكنولوجية القريبة من أفلام الخيال العلمي، لأطفال وبالغين بالاستفادة من صمامات أكثر فعالية من تلك التي يتمّ انتزاعها من جثث متوفين أو الأخرى المصنّعة.
وعلى صعيد متصل، عرض فريق طبي ياباني أعمالاً حول زراعة صمامات قلب لدى الأرنب انطلاقا من خلايا الأرنب نفسه.
واعتبر الطبيب في جامعة شيكاغو زياد حجازي أنّ هذه الأنباء واعدة جدًا معبرًا عن يقينه "بأنها ستكون قابلة للتطبيق على الإنسان يومًا ما".